17 - 07 - 2024

وجهة نظري| هل يتحول العالم الثالث إلى فئران تجارب للقاح كورونا؟

وجهة نظري| هل يتحول العالم الثالث إلى فئران تجارب للقاح كورونا؟

ما أن أطل شبح فيروس كورونا مهددا البشر بالفناء، وما أن لاح شبح الموت حاصدا بلا رحمة أكثر من مائة ألف إنسان.. ومهددا بالخطر أكثر من مليوني إنسان تمكن الفيروس اللعين من إصابتهم، وأمام حالة الفزع التي انتابت العالم كله في نفس اللحظة والتي حاصرته في توقيت واحد وفرضت الحظر على كل سكان الأرض ليعتزل الجميع كل ما اعتاد عليه في حياته اليومية ليبقى أسيرأ برغبته داخل منزله لوقت غير محدد وإلى مدى غير منظور!

حالة الحصار التي فرضها الفيروس الشرس القاتل دفعت شركات الأدوية للسعى بكل خطاها للتوصل إلى لقاح فعال ضد فيروس كورونا.. وراء تلك الحمية بالطبع لا تكمن دوافع إنسانية محضة، بل كثيرا ماتشوبها أطماع ليس فقط للحصول على أعلى مكاسب ممكنة تحصل عليها الشركة صاحبة اللقاح الأنجع والأكثر فاعلية لمواجهة الفيروس، لكن من المؤكد أن وراء تلك الشركات أنظمة لاتقل براجماتية عنها تقدم لها كل الدعم من أجل ضمان تبوء السيادة والهيمنة والتفوق! ومن غير المستبعد أن تدخل تلك اللقاحات الفعالة في اتفاقات تبادل المصالح والمنفعة! وأيضا ستكون وسيلة لتقديم منح للدول التي تنفذ سياستها وتخضع لأوامرها، وعلى العكس تصبح أداة عقاب تحرم منها تلك الدول المارقة التي تخرج عن قواعد السيطرة ولاتقدم فروض الولاء والطاعة لقادة العالم المتحكم المسيطر.

من أمريكا إلى الصين، ومن اليابان لفرنسا وألمانيا.. يجرى العمل في شركات الأدوية للتوصل إلى لقاحات فعالة لمواجهة فيروس كورونا.. فى أمريكا وحدها أكثر من شركة توصلت للقاح جديد منها شركة مودرنا يعتمد اللقاح المزمع إخضاعه لتجارب سريرية على تخليق بروتينات لأحماض نووية تحفز خلايا الجسم على تصنيع بروتينات شبيهة بفيروس كورونا وبالتالي يمكن للخلايا تكوين إستجابة مناعية ضد الفيروس. 

شركة فايزر الأمريكية أيضا توصلت للقاح مشابه  يعتمد أيضا على تخليق أحماض نووية تحفز الجسم على مواجهة فيروس كورونا. شركة جونسون الأمركية الشهيرة تعكف أيضا على إجراء التجارب السريرية للقاح جديد نهاية العام الحالي.

أما الصين فقد بدأت بدورها إجراء التجارب السريرية في منتصف الشهر الماضى على متطوعين تتراوح أعمارهم مابين 18 و60 عاما وكلهم من سكان ووهان أول مدينة شهدت ظهور الفيروس.

اليابان دخلت على خط المواجهة وتوصلت لاستخدام لقاح أفيجان الذى كان يستخدم لعلاج الأنفلونزا، وبدأت إجراء تجارب سريرية للتأكد من مدى فاعليته لعلاج كورونا، وقامت بتوزيعه على عدد من الدول من بينها مصر والسعودية.

بينما أعلنت ألمانيا عن قرب التوصل للقاح ضد الفيروس لتدخل قريبا مرحلة التجارب السريرية.

أمام الصراع المحموم بين الدول وشركات الأدوية التابعة لها للوصول للقاح ومع تكرار الحديث عن التجارب السريرية، تثار عدة تساؤلات من المهم أن نسمع من المسئولين إجابة عنها..

أولا: ماهي المعايير والضوابط المهنية والإنسانية والأخلاقية المنظمة لعملية إجراء التجارب السريرية!

ثانيا: هل هناك بالفعل وجود لتلك المعايير، ومن وضعها ومن المسؤول عن تطبيقها، ومن المسؤول عن المراقبة لضمان الإلتزام بها.. ومدى صلاحياته في المساءلة والمحاسبة في حالة خرق تلك الضوابط وعدم الإلتزام بها؟ وماهى العقوباتالمفروضة في حالة مخالفة القواعد وتجاهل الضوابط؟

ثالثا: إلى أي مدى يمكن أن تمارس الدول الكبرى ضغوطا على أنظمة دول العالم الثالث لإجبارها على إجراء التجارب السريرية على شعوبها، مقابل تقديم مساعدات إقتصادية أو التدخل لحل أزمات تواجه تلك الدول وتهدد أنظمتها.. أو بغض الطرف عن ملفات ساخنة تلوح بها الدولة العظمى تحديدا بين الحين والآخر للضغط بغية الإمتثال لأوامرها وإملاءاتها وقراراتها.. لتتحول تلك الشعوب إلى فئران تجارب لأصحاب السيادة من حكام الدول الكبرى؟

رابعا: وهو الأهم هل يشترط موافقة المرضى على إجراء تلك التجارب؟ وإلى أي مدى تلتزم الأنظمة الصحية لدول العالم الثالث بتلك الموافقة؟ وماذا لو تمت دون علم المريض؟ ماهى الجهة المسؤولة عن تلقي بلاغات وشكاوى واستغاثات المرضى، ومن يعاقب المتسبب في انتهاك حرمة أجسادهم واستغلال حاجتهم وفقرهم وجهلهم ومرضهم؟

خامسا: ماذا عن الآثار الجانبية المترتبة على تلك التجارب؟ من يتحمل مسؤوليتها وتعويض المرضى عن الأضرار التي يمكن ان تلحق بهم؟

أسئلة كثيرة وخطيرة نحتاج لإجابة عنها.. لتخفف ذلك التخوف من تقاطع مصالح مافيا شركات الأدوية مع مصالح حكام العالم المتغطرس مع المتواطئين من أنظمة الشعوب الفقيرة لتسدد تلك الشعوب من ارواحها فواتير حساب قواعد لعبة السياسة والمصالح القذرة.
---------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | بائعة الخبز وتجار الأوهام